للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإدراج في المتن أكثر ما يكون في آخر الحديث، يتطوع بإدخاله بعض الرواة بعبارة منهم يقصدون بها الايضاح والتفسير. وقد يوجد هذا الإدراج في أول الحديث أو وسطه، ووقوعه أوله أكثر من وسطه (١).

فمن الإدراج في الوسط ما رواه النسائي من حديث فضالة مرفوعًا «أَنَا زَعِيمٌ، - وَالزَّعِيمُ الحَمِيلُ - لِمَنْ آمَنَ بِي، وَأَسْلَمَ ... وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الجَنَّةِ» (٢). فعبارة «وَالزَّعِيمُ الحَمِيلُ» لم تكن في أصل الحديث من كلام رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما هي مدرجة أدخلها ابن وهب - أحد رواة الحديث - تفسيرًا للفظ «زَعِيمٍ» الذي ظنه غير واضح في السياق.

ومن الإدراج في أول الحديث ما رواه الخطيب من طريق أبي قطن وشبابة عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» فعبارة «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» في أول الحديث ليست من كلام الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي لم يزد على أن قال «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» ولكن أبا هريرة أدرج العبارة السابقة،

فوهم أبو قطن وشبابة في روايتهما لها عن شعبة، وظناها من قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا من قول أبي هريرة (٣).


(١) " التوضيح ": ٢/ ٥٣ هامش.
(٢) " التدريب ": ص ٩٧.
(٣) عرفنا وقوع الإدراج في هذا الحديث من الروايات الكثيرة الأخرى الخالية من عبارة «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ»، وأجدر تلك الروايات بالعناية والاهتمام بها ما جاء في " صحيح البخاري " عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» (*). وقد ذكر السيوطي في " التدريب ": ص ٩٦ نقلاً عن الخطيب أن الحديث بروايته الأخيرة «قَدْ رَوَاهُ الجَمُّ الْغَفِيرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَرِوَايَةِ آدَمَ».