للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصح حديث بطريق مسلسل» (١). ولقد يكون أصل المتن في حديث من هذا النوع صحيحًا، لسلامته من التدليس، ولكن صفة الضعف تطرأ عليه بمجرد تسلسل بعض الأقوال أو الأفعال في روايته نفسها تسلسلاً كاملاً متماثلاً من كل وجه، لتعذر هذا التسلسل وندرة هذا التماثل في تناقل الأخبار. ومن هنا صحت متون أحاديث كثيرة، من غير أن تكون روايتها نفسها صحيحة بالتسلسل على الوجه الذي وصفناه (٢).

ولذلك قال ابن حجر في المسلسل: «وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الإِسْنَادِ» (٣) بخلاف المرفوع ونحوه فإنه من صفات المتن، وبخلاف الصحيح فإنه من صفاتهما معًا.

مثال الحديث المسلسل الذي تتماثل العبارات في روايته، ويستغرب وقوع التماثل فيه، مَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الزَّاهِدُ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ الأَدَمِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الوَاسِطِيُّ خَادِمُ أَبِي مَنْصُورٍ الشَّنَابُزِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو مَنْصُورٍ: قُمْ فَصُبَّ عَلَيَّ حَتَّى أُرِيَكَ وُضُوءَ مَنْصُورٍ، فَإِنَّ مَنْصُورًا قَالَ لِي: قُمْ فَصُبَّ عَلَيَّ حَتَّى أُرِيَكَ وُضُوءَ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لِي: قُمْ فَصُبَّ عَلَيَّ حَتَّى أُرِيَكَ وُضُوءَ عَلْقَمَةَ، فَإِنَّ عَلْقَمَةَ قَالَ لِي: قُمْ فَصُبَّ عَلَيَّ حَتَّى أُرِيَكَ وُضُوءَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِي: قُمْ فَصُبَّ عَلَيَّ حَتَّى أُرِيَكَ وُضُوءَ النَّبِيِّ


(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٨٩.
(٢) " حاشية لقط الدرر ": ص ١٣٦.
(٣) " شرح النخبة ": ص ٣٤.