للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالطَّبْعِ، وَلاَ يَعْلَمُونَ لِسَانَ العَرَبِ بِصِنَاعَةِ النَّحْوِ، فَوَقَعَ اللَّحْنُ فِي كَلاَمِهِمْ وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ» (١).

الرد كل المانعين:


والحق أن تجويز الرواية بالمعنى قد أحيط - عِنْدَ المُجَوِّزِينَ - بشروط لم تتوافر إلا في الصحابة والتابعين وكبار أئمة الفقهاء والرواة ممن كانت لغتهم سليقة، وَجِبِلَّتِهِمْ عربية، فلو غَيَّرَ أَحَدُهُمْ - وهو العربي المطبوع - لفظًا بلفظ آخر مرادف له، لكان على النحاة تفضيله على غيره من كلام العرب، لأن تقلب صاحبه في البيئات العربية الفصحى لا يسمح قط بالتردد في قبوله والأخذ به، لذلك قال الإمام أحمد بن حنبل في الشافعي: «إِنَّ كَلاَمَهُ فِي اللُّغَةِ حُجَّةٌ» (٢).

هذا على فرض رواية أولئك الأسلاف الصالحين على المعنى، وعلى فرض تساهلهم جميعًا في الحديث المرفوع كتساهلهم في غيره، ثم على فرض الإجماع على إباحة الرواية بالمعنى إطلاقًا للجميع في عصر الرواية والتدوين، ولكن الواقع خلاف هذا من كل وجه: فالرعيل الأول من الرواة كانوا يتشددون في الرواية باللفظ والنص، ولا يتساهلون حتى بالواو والفاء، وَكَانَ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِهِمْ - كَمَا قَالَ الأَعْمَشُ -: «أَنْ يَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي الحَدِيثِ وَاوًا، أَوْ أَلِفًا، أَوْ دَالاً» (٣)، وما أكثر الأمثلة التي تشير إلى تردد الراوي بين لفظين حرص الراوي