للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ».

لم يشهد أنس غزوة بدر الكبرى، لحداثة سنه، ولكنه شهد كثيرًا من الغزوات بعد ذلك، وحين استشار أبو بكر عمر في استعمال أنس على البحرين أثنى عليه عمر وقال: «إِنَّهُ فَتًى لَبِيبٌ كَاتِبٌ». وهو مشهود له بالتقوى والورع، لطول معاشرته الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال أبو هريرة فيه: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ» (يعني أنسًا). وقال فيه ابن سيرين: «أَحْسَنُ النَّاسِ صَلاَةً فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ».

انتقل أنس في أخريات أيامه إلى البصرة، ويقول بعضهم: إن سبب انتقاله إليها أنه امتحن في فتنة ابن الأشعث، فآذاه الحجاج، فلم يجد بُدًّا مِنَ الهجرة إلى البصرة، حيث كان الصحابي الوحيد فيها، ولذلك يقولون: إنه آخر الصحابة مَوْتًا بالبصرة. توفي عام ٩٣ هـ. بعد أن جاوز المائة. وقال فيه مُوَرِّقٌ يوم وفاته: «ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ إِذَا خَالَفَنَا قُلْنَا لَهُ تَعَالَ إِلَى مَن سَمَِع مِنَ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».

أما أسانيده فأصحها ما رواه: مالك عن الزهري عنه. وأضعفها ما رواه: داود بن المحبر عن أبيه المحبر عن أبان بن أبي عياش عنه (١).

[٤ - السيدة عائشة أم المؤمنين:]

هي زوج النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبنت صديقه وأحب الناس إليه أبي بكر


(١) انظر ترجمة أنس في " طبقات ابن سعد: ٧/ ١٠، و" تهذيب ابن عساكر ": ٣/ ١٣٩.