للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالدلالة الظنية أن النص العام يحتمل الخصوص احتمالاً ناشئًا عن دليل أو أن دلالته على العموم فيها شبهة.

فقال الحنفية وهو رواية عن الإمام أحمد وقال به بعض الحنابلة منهم ابن عقيل والفخر إسماعيل: إن النص العام يثبت الحكم في جميع ما يتناوله على سبيل القطع، وهو في ذلك عندهم كالخاص سواء بسواء.

وقال أكثر الفقهاء والمتكلمين وهو المعتمد عند الحنابلة: إنه يثبت الحكم فيما يتناوله على سبيل الظن، وهو في ذلك مخالف للنص الخاص، فإن الخاص عندهم قطعي الدلالة على مدلوله (١).

استدل الحنفية على مذهبهم فقالوا: إن اللفظ متى وضع لمعنى كان هذا المعنى لازمًا له وثابتًا به قطعًا، حتى يقوم الدليل على خلافه، والعموم قد وضع له اللفظ العام اتفاقًا بيننا وبينكم، فيكون ثابتًا به ولازمًا له قطعًا حتى يقوم الدليل على صرفه عنه إلى غيره.

واستدل الجمهور على أن العام ظني الدلالة فقالوا: كل عام يحتمل التخصيص، والتخصيص شائع فيه حتى صار قولهم: «مَا مِنْ عَامٍّ إِلاَّ وَقَدْ خُصِّصَ» بمنزلة المثل، ولهذا يؤكد العام بكل وأجمع، لإزالة هذا الاحتمال، والقطع لا يثبت مع الاحتمال، لأنه عبارة عن قطع الاحتمال.

وقد دارت بين الفريقين محاورات ومناقشات لا حاجة بنا هنا إلى


(١) انظر المسألة وفروعها في " أصول السرخسي ": جـ ١ ص ١٣٧ - ١٤٣، و" التنقيح " وشرحه " التوضيح "، و" حاشية التفتازاني ": جـ ١ ص ٣٩ - ٤١، و" فواتح الرحموت ": جـ ١ ص ٢٦٥ - ٢٦٧، و" شرح الكوكب المنير ": جـ ٣ ص ١١٤ مع الحاشية.

<<  <   >  >>