للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسطها، غير أنا نستطع أن نجد ما يقوي مذهب الحنفية في هذه المسألة الهامة، وكذلك أن تجويز أن يراد بالنص العام بعض الأفراد دون البعض من غير قرينة أو دليل كما ذهب مخالفو الحنفية أمر مستبعد موقع في الارتباك أمام النصوص، وذلك لأنه يؤدي إلى ارتفاع الأمان عن اللغة وعن الشرع؛ وإلى التلبيس على السامع، لأن عن كل ما ورد في اللغة عَامًّا فإنه يحتمل الخصوص حينئذٍ، فلا يستقيم فهم العموم منه.

وكذلك في الشرع، لأن معظم خطابات الشرع عامة، فإذا جاز إرادة بعض من غير قرينة لما صح فهم الأحكام على وجه العموم، وأدى ذلك إلى التلبيس على المخاطبين، وتكليفهم بالمحال، وهو باطل.

كما يقوي مذهب الجمهور ما استدل به ابن النجار الحنبلي (١) «إن التخصيص بالمتراخي لا يكون نَسْخًا ولو كان العام نَصًّا على أفراده لكان نَسْخًا، وذلك أن صيغ العموم ترد تارة باقية على عمومها، وتارة يراد بها بعض الأفراد، وتارة يقع فيها التخصيص، ومع الاحتمال لا قطع، بل لما كان الأصل بقاء العموم فيها كان هو الظاهر المعتمد للظن».

وقد تضمنت كلمته هذه جواب استدلال الحنفية حين قال: «لما كان الأصل بقاء العموم فيها كان هو الظاهر المعتمد للظن».


(١) " شرح الكوكب المنير ": جـ ٣ ص ١١٥.

<<  <   >  >>