للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القدر أو الموضوع الذي اختلف حكمهما فيه، لتساويهما في القطعية، فنأخذ حينئذ بتطبيق قواعد التوفيق المدروسة في موضعها من علم أصول الفقه.

أما غير الحنفية فإنهم يقولون: لا يقاوم العام الخاص، لأن الخاص قطعي والعام ظني، فلا بد أن يقدم الخاص على العام ويعمل به سواء كان الخاص متقدمًا على العام في الورود أو متأخرًا عنه أم مقارنًا له، ومعنى كون الخاص مقدمًا على العام أن يعمل به في المقدار الذي خالف فيه العام مطلقًا كما ذكرنا، ولا يخضع العمل به لقواعد التوفيق بين النصوص.

وقد أثر هذا الخلاف تأثيرًا بَيِّنًا في الفروع الفقهية، لكن مما يلفت النظر فيه أننا نجد أنصارًا لمذهب الحنفية في بعض الفروع من أهل المذاهب الأخرى، التي لا توافقهم في هذه القضية، أعني قطعية دلالة العام.

ومن أمثلة ذلك:

١ـ مسألة صلاة تحية المسجد لمن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب:

فقد دل قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] على عدم مشروعيتها، لأن الخطبة لا تخلو من قراءة قرآن، ودل حديث الرجل الذي دخل يوم الجمعة والنبي يخطب وأمره إياه أن يصلي ركعتين على مشروعيتها، وفي بعض ألفاظه قوله: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ قَدْ خَرَجَ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» (١) دل


(١) الحديث متفق عليه وهو ثابت في " الصحيحين " بالروايتين المشار إليهما: " البخاري " في (الجمعة): جـ ٢ ص ١٠ وفي (التطوع): جـ ٢ ص ٥٦، و" مسلم " في (الجمعة): جـ ٣ ص ١٤، ١٥.

<<  <   >  >>