للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترك للقياس الذي هو حجة إلى ما ليس بحجة، وكل ذلك حرام لا يجوز في شرع الله تعالى، حتى إن الإمام الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: «مَنْ اِسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ» أي أن من أثبت حُكْمًا بأنه مستحسن عنده من غير دليل من الشارع فهو المشرع لذلك الحكم، حيث لم يأخذه من الشارع (١).

والحقيقة أننا إذا تأملنا حقيقة الاستحسان التي لخصاناها في تعريفه كما هو عند الحنفية لا نجد تَرَدُّدًا في قبوله والالتزام بحجيته، وذلك هو ما آل إليه عمل المحققين من مختلف المذاهب، وأسوق في ذلك هذا النص من كلام العلامة التفتازاني الشافعي المذهب فإنه يعبر عن جوهر القضية ببيان شاف وكاف، قال التفتازاني - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: (٢)

«والحق أنه لا يوجد في الاستحسان ما يصلح محلاً للنزاع، إذ ليس النزاع في التسمية لأنه اصطلاح، وقد قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] وقال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا رَآهُ المُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» (٣).

ونقل عن الأئمة إطلاق الاستحسان في دخول الحمام، وشرب الماء من يد السقاء، ونحو ذلك وعن الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ - أنه قال:


(١) " حاشية التلويح " للتفتازاني: جـ ٢ ص ٢١ بتصرف يسير، وانظر " أصول السرخسي ": جـ ٢ ص ١٩٩، ٢٠٠.
(٢) " حاشية التلويح ": جـ ٢ ص ٨١.
(٣) الحديث موقوف على ابن مسعود من قوله.
رواه أحمد في " المسند ": ٥/ ٢١١ رقم ٣٦٠٠ ط. شاكر، ووهم السخاوي في " المقاصد ": ص ٥٨١ رقم ٩٥٩ فقال: «وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ إِلَى المُسْنِدِ»، وتبعه العجلوني: ٢/ ٢٤٥ ط. الرسالة، وعزاه في " مجمع الزوائد " لأحمد والطبراني في " الكبير " والبزار وقال: (١/ ١٧٧، ١٧٨) ط. بيروت: «رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ».

<<  <   >  >>