للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال القسم الثاني: وهو القياس الذي هو خفي الصحة وتقديمه على الاستحسان الذي هو ظاهر الصحة خفي الفساد: سجدة التلاوة إذا قرئت آية السجدة في الصلاة هل تدخل في ركوع الصلاة؟

القياس أنها تؤدى بالركوع في الصلاة، لأن المقصود منها هو تعظيم الله تعالى مخالفة للمتكبرين من المشركين، ويدل على ذلك وقوع التداخل فيها، إذا قُرِئَتْ مِرَارًا في مجلس واحد، أو سُمِعَتْ مِرَارًا في مجلس واحد أجزأت سجدة واحدة. وهو قول الحنفية.

أما الاستحسان فيقضي أن لا يجوز كما هو قول الأئمة الثلاثة، قِيَاسًا على سجود الصلاة، لا ينوب عنه ركوعها، فكذا هذا أيضًا، لأن كُلاًّ منهما هو غير المأمور به.

لكن الحنفية رأوا هذا الاستحسان فاسدًا باطنًا، لأن كُلاًّ من الركوع والسجود مطلوب في الصلاة بطلب يخصه، فلا يتأدى أحدهما بالآخر، بخلاف سجدة التلاوة فإن السجود غير مقصود بالذات إنما المقصود هو التعظيم عند قراءة هذه الآيات وهو كما يحصل بالسجود يحصل بالركوع.

وقد يعترض على الحنفية بأن هذا يوجب أن تؤدى سجدة التلاوة بالركوع خارج الصلاة أيضًا؟

أجاب الحنفية عن هذا بأن الركوع لم يعرف قربة خارج الصلاة، والتعظيم إنما يكون بما هو قربة معتبرة شَرْعًا، فلا بد حينئذ من السجود (١).


(١) " التحرير " و" شرحه ": جـ ٣ ص ٢٢٤ , و" التوضيح والتلويح ": جـ ٢ ص ٨٢، ٨٣، و" فواتح =

<<  <   >  >>