للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأمثل الحلول وأفضلها لمسايرة تقدم الحضارة، بل لدفع عجلة التقدم الحضاري، بما ذكرنا من الخصائص، بالاجتهاد الذي قدم ذخائر تشريعية ضخمة تعالج كل حادث، بل تضع العدد من الحلول للمشكلة الواحدة، من نتاج ما قدمته لنا المذاهب من آراء وعلاجات. فجمع الفقه الإسلامي بهذا بين التعدد والتوحد، والتعدد هنا تعدد تنوع ليس تعدد تضارب، كما جمع بذلك أيضًا بين التطور والثبات.

وقد كان هذا الاتفاق على الأصول الأربعة نَابِعًا من الإيمان بالأصل الأول وهو القرآن والائتمار بأوامره والسير على ضوء توجيهه.

فقد بين الله تعالى في صريح كتابه أن منزلة السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ من القرآن هي منزلة البيان من المُبَيَّنِ، والتفسير من المُفَسَّرِ.

قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤].

وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: ٦٤].

وجعل الله طاعته مرهونة بطاعة رسوله، بل أعلن للعالم أن طاعة رسوله طاعته.

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} [المائدة: ٩٢].

{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠].

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٣١].

وهكذا كان كل من الكتاب والسنة أصلاً في الدين يلزم المسلمين أن

<<  <   >  >>