للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويُمنع من ذلك بالقضاء، ولو أن أندَرَ الرجلِ بجوار أندر الآخر فنصب فيه قشاقرة (١) يريد حال الزرع فاشتكى جاره أن القشاقر تمتعها الريح وطلب أن يزيلها قال: ليس ذلك له، وقال ابن نافع: الأندر ليس لمن في جواره أن يُحدث بنياناً يضر بصاحب الأندر وليُنَحِّ ذلك إلى مكان يرتفع به الضرر عن الأندر وسواء احتاج إلى البنيان أو لم يحتج.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار (٢). قال العتبي: وقد قال سحنون مثل هذا الأول إنه يُمنَعُ أن يبني من ناحية الريح، وهو خلاف قول الأول، وهو أحسن.

ومن كتاب ابن سحنون وكتب شجرة إلى سحنون فيمن احتفر في داره بئراً ثم بنى جاره إلى جانب البئر حائطاً فتهورت البئر فقال الذي بنى: تهور البئر يضر بحائطي، قال: فليعدها كما كانت وينفي عنه الضرر، وعمن تهورت بئره فقام رجل فقال أخاف أن يسقط مسكني وهو بقرب البئر، قال: إن عُرف أن ذلك مخوف مُنع أن يُضر به، قيل: فإن كان رب البئر عديماً؟ قال: يُؤمر أن يبيع ممن يصلح.

وسأله حبيب عن قناة في حائط رجل قديمة وهي مضرة لجاره فقام عليه فقال: لا يغير القديم وإن أضر بجاره، وسأله سائل عن أفران توقد للفخار بين الدور منها القديم والمحدث فربما شكا جيرانها أذى دخانها وربما أمسكوا فكتب إليه القديم منها لا يعرض له، وروى يوسف بن يحيى عن ابن مدين أن ما كان من الضرر يبقى على حال واحدة لا يزيد كفتح/ الأبواب والكوى وشبهه فإنه يستحقه من أحدثه بطول الزمن وما كان مما يحدثه فيمسك عن جاره ثم يقوم عليه بعد زمان فإن ما كان ضرورة بينة لا تحاز بطول الزمان، من ذلك الكنيف يحدثه


(١) في كتاب الجدار لعيسى بن موسى التطيلي الذي حققه الدكتور إبراهيم بن محمد الفائز عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض وردت هذه الكلمة بالفاء قبل الشين لا بالقاف أي على شكل فشاقرة (انظر: الكتاب في طبعته الأولى عام ١٩٩٦، ص. ٢٠٣).
(٢) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>