للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة والسلام إلا حج.

والذي صرح به غيره: أنه ما من نبي إلا حج، خلافا لمن استثنى هودا وصالحا.

ــ

لسلطاننا عبد الحميد محاسن * * ومن ذا الذي بالحصر يقوى يعدد؟ وقد حاز تعميرا لباطن قبلة * * وتاريخه بيت فريد يحدد بناء بدا زهوا لداخل كعبة * * وسلطاننا عبد الحميد المجدد ٨٢ ١٦٩ ٢٠٧ ٩٧ ٦٥٥ ١٩ ٧ ٥٣ - ٨٤١ سنة ٤٥٨ ١٢٩٩ (فائدة) قال وهب بن منبه - رضي الله عنه -: مكتوب في التوراة: إن الله عزوجل يبعث يوم القيامة سبعمائة ألف ملك من الملائكة المقربين، بيد كل واحد منهم سلسلة من ذهب إلى البيت الحرام، فيقول لهم: اذهبوا فزموه بهذه السلاسل، ثم قودوه إلى المحشر، فيأتونه، فيزمونه بتلك السلاسل، ويمدونه.

وينادي ملك: يا كعبة الله سيري فتقول: لست بسائرة حتى أعطى سؤلي.

فينادي ملك من جو السماء: سلى.

فتقول الكعبة: يا رب شفعني في جيراني الذين دفنوا حولي من المؤمنين.

فتسمع النداء: قد أعطيتك سؤلك.

قال: فتحشر موتى مكة بيض الوجوه كلهم محرمين مجتمعين حول الكعبة يلبون.

ثم تقول الملائكة: سيري يا كعبة الله.

فتقول: لست بسائرة حتى أعطى سؤلي.

فينادي ملك من جو السماء: سلي تعطي.

فتقول الكعبة: يا رب عبادك المذنبون الذي وفدوا إلي من كل فج عميق شعثا غبرا، تركوا الأهل والأولاد والأحباب وخرجوا شوقا إلي زائرين مسلمين طائعين حتى قضوا مناسكهم كما أمرتهم، فأسألك أن تشفعني فيهم، وتؤمنهم من الفزع الأكبر، وتجمعهم حولي.

فينادي الملك: فإن فيهم من ارتكب الذنوب بعدك، وأصر على الكبائر حتى وجبت له النار.

فتقول: يا رب، أسألك الشفاعة في المذنبين الذين ارتكبوا الذنوب العظام والأوزار، حتى وجبت لهم النار.

فيقول الله تعالى: قد شفعتك فيهم، وأعطيتك سؤلك.

فينادي ملك من جو السماء: ألا من زار كعبة الله فليعتزل عن الناس.

فيعتزلون، فيجعلهم الله تعالى حول البيت الحرام بيض الوجوه.

آمنين من النار، يطوفون ويلبون.

ثم ينادي ملك من جو السماء: ألا يا كعبة الله سيري.

فتقول الكعبة: لبيك اللهم لبيك، والخير كله بيديك، لبيك لا شريك لك لبيك.

إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

ثم يمدونها إلى المحشر.

(قوله: لم يبعث الله نبيا) أي رسولا، بدليل ذكر البعث، لأنه خاصة الرسول، لكن عبر جماعة بقولهم: إن جميع الأنبياء والرسل حجوا البيت.

(قوله: والذي صرح به غيره) أي غير ابن إسحاق.

وقصده بهذا بيان أن قول ابن إسحاق

بعد إبراهيم ليس بقيد.

(قوله: أنه ما من نبي إلا حج) أي من كان قبل إبراهيم، ومن كان بعده.

والمراد بالنبي ما يشمل الرسول.

(قوله: خلافا لمن استثنى هودا وصالحا) أي قال إنهما لم يحجا.

قال العلامة عبد الرؤوف: وقائله عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - حيث قال: بلغني أن آدم ونوحا حجا دون هود وصالح، لاشتغالهما بأمر قومهما، ثم بعث الله إبراهيم فحجه وعلم مناسكه، ثم لم يبعث الله نبيا بعده إلا حجه.

ويجاب عن قول عروة بأن الحديث على فرض صحته معارض بأحاديث كثيرة أنهما حجا، منها قول الحسن في رسالته: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن قبر نوح وهود وشعيب وصالح فيما بين الركن والمقام وزمزم.

ومن المعلوم أنهم لا يأتون البيت بغير حج.

مع أن المثبت مقدم على النافي.

ولا تكره الصلاة بين الركن والمقام وزمزم توهما من حديث الحسن، لكونهما مقبرة، لأنها مقبرة الأنبياء، وهم أحياء في قبورهم، ولا يقال الكراهة أو الحرمة من حيث أن المصلي يستقبل قبر نبي، وهو منهي عنه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تتخذوا قبور أنبيائكم مساجدا.

لأن شرط الحرمة أو الكراهة تحقق ذلك، وهو منتف هنا اهـ.

ملخصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>