للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا، أو أكريتك، أو ملكتك منافعه سنة: (بكذا، وقبول، كاستأجرته)، واكتريت، وقبلت.

قال النووي في شرح المهذب، إن خلاف المعاطاة يجري في الاجارة والرهن والهبة، وإنما تصح الاجارة، (بأجر) صح كونه ثمنا (معلوم) للعاقدين، قدرا، وجنسا، وصفة، إن كان في الذمة، وإلا كفت معاينته في إجارة العين أو الذمة، فلا يصح إجارة دار ودابة بعمارة لها وعلف، ولا استئجار لسلخ شاة بجلد، ولطحن نحو بر ببعض دقيق (في

ــ

حملي إلى مكة بدينار، ولا يجب قبض الأجرة في المجلس في الواردة على العين، وتصح الحوالة بها، وعليها، والاستبدال عنها، وأما الواردة على الذمة، فيشترط فيها قبض الأجرة في المجلس، ولا تصح الحوالة بها، ولا عليها، ولا الاستبدال عنها، لأنها سلم في المنافع، فتجري فيها أحكام السلم (قوله: تصح إجارة بإيجاب) شروع في بيان الصيغة، وهي إما صريحة، كآجرتك، أو أكريتك هذا، أو منافعه، أو ملكتكها سنة بكذا، فيقبل المكتري، أو كناية، كجعلت لك منفعته سنة بكذا، أو اسكن داري شهرا بكذا، ومنها، الكتابة، والأصح منع انعقادها بقوله بعتك أو اشتريت منفعتها، لأن لفظ البيع والشراء موضوع لتمليك العين، فلا يستعمل في المنفعة.

وجرى م ر على أنه ليس صريحا ولا كناية، وجرى حجر على أنه كناية، وما ذكره من الصيغ، لإجارة العين وإجارة الذمة، خلافا لمن خصها بإجارة العين، وتختص إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك، أو سلمت إليك هذه الدراهم في خياطة هذا، أو في دابة صفتها كذا، أو في حملي إلى مكة (قوله: سنة) ظرف لمقدر، أي وانتفع به سنة، فهو على حد قوله تعالى: * (فأماته الله مائة عام) * (١) أي وألبثه مائة عام، وليس ظرفا لآجر وما بعده، لأنه إنشاء، وهو ينقضي بانقضاء لفظه، فلا يبقى سنة مثلا، قال في التحفة: فإن قلت: يصح جعله ظرفا لمنافعه المذكورة، فلا يحتاج لتقدير، وليس كالآية كما هو واضح.

قلت: المنافع أمر مرهوم الآن، والظرفية تقتضي خلاف ذلك، فكان تقدير ما ذكر، أولى، أو متعينا اه.

ومثله في النهاية.

ونازع في ذلك سم، فليراجع وقوله بكذا: أي بعشرة مثلا، وأفهم كلامه أنه لا بد من التأقيت، وذكر الأجرة، لانتفاء الجهالة حينئذ، ولا يشترط أن يقول من الآن (قوله: إن خلاف المعاطاة يجري في الإجارة الخ) أي فالمعتمد أنها لا تصح فيها، ومقابله تصح، فلو أعطى مالك الدار الأجرة، وسلم له المالك المفاتيح، وسكن فيها من غير صيغة، كانت إجارة صحيحة على هذا، وفاسدة على الأول (قوله: وإنما تصح الإجارة بأجر) قدر متعلق الجار والمجرور، لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بعامل واحد، وقوله بأجر، أي بعوض، وقوله صح كونه ثمنا، أي بأن يكون طاهرا منتفعا به، مقدورا على تسلمه، فلا يصح جعل نجس العين والمتنجس الذي لا يمكن تطهيره، وغير المنتفع به، وغير المقدور على تسلمه، كالمغصوب، أجرا، أي عوضا، لأن لا يصح جعله ثمنا (قوله: معلوم للعاقدين) صفة ثانية لأجر من الوصف بالمفرد بعد الوصف بالجملة.

وقوله قدرا، أي كعشرة، وقوله وجنسا، أي كذهب أو فضة.

وقوله وصفة أي كصحيح أو مكسر، ولا يقال يشكل على اشتراط العلم، صحة الاستئجار للحج بالنفقة، وهي مجهولة، كما جزم به في الروضة، لأنا نقول ليس ذاك

بإجارة، بل نوع جعالة، وهي يغتفر فيها الجهل بالجعل، وقيل إنه مستثنى توسعة في تحصيل العبادة، وقوله إن كان أي ذلك الأجر في الذمة، أي التزم في الذمة، وهو قيد في اشتراط العلم في الأجر (قوله: وإلا كفت معاينته) أي وإن لم يكن في الذمة بأن كان معينا أغنت معاينته، أي رؤيته، عن علم جنسه، وقدره، وصفته (قوله: في إجارة العين أو الذمة) الظاهر أنه متعلق بكل من معلوم ومن كفت معاينته، والمعنى، يشترط في الأجر أي العوض، أن يكون معلوما، إذا كان في الذمة، سواء كانت الإجارة في العين، أو في الذمة، فإن لم يكن الأجر في الذمة، كفت معاينته، سواء كانت الإجارة في العين، أو في الذمة أيضا (قوله: فلا يصح إجارة دار ودابة الخ) أي للجهل في ذلك، قال في شرح المنهج: فإن ذكر معلوما، وأذن له خارج العقد في صرفه في العمارة أو العلف، صحت.

اه.

وقوله خارج العقد، فإن كان في صلبه، فلا يصح، كآجرتكها بدينار على أن تصرفه في عمارتها أو علفها للجهل بالصرف، فتصير الأجرة مجهولة، فإن صرف وقصد


(١) سورة البقرة، الاية: ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>