للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمروة ورمي الجمرات لإقامة ذكر الله" هذا هو الحكمة من رمي الجمرات يكبر الناس عند كل حصاة ليس بقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بل يكبر بقول: الله أكبر تعبداً لله الذي شرع رمي هذه الحصاة وهو في الحقيقة أعني رمي الجمرات غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى لأن الإنسان لا يعرف حكمة حسية من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة إلا أنها مجرد تعبد لله سبحانه وتعالى وانقياد لطاعته، لأن العبادات منها ما حكمته معلومة ظاهرة فالإنسان ينقاد لها تعبداً وطاعة له ثم ابتغاء لما يعلم فيها من المصالح ومنها ما لا يعلم حكمته ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد عباده هي حكمة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ... } (١).

وما يحصل للقلب من الإنابة إلى الله والخشوع والاعتراف بكمال الرب ونقص العبد وحاجته إلى ربه ما يحصل له بهذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها وأما الشيطان كان يقف لإبراهيم الخليل في هذه الأمكنة فقد ورد في حديث والله أعلم بصحته وعلى فرض صحته فإنه لا يعني أننا نفعلها كما فعلها إبراهيم أرأيت السعي بين الصفا والمروة أصله سعي أم إسماعيل بينهما أصابها الجوع والعطش فخافت على نفسها وابنها ونحن لا نسعى لهذا الغرض نسعى تعبداً لله عز وجل وتذللاً إليه وافتقاراً كي يغفر لنا ويرحمنا ثم هذا الرَمَل وهو في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم أو طواف عمرة هذا أصله أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ليغيظ المشركين به حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء فأصل مشروعيته لهذا الغرض ومع ذلك نحن الآن نفعله لا لهذا الغرض لا لإغاظة المشركين لأن هذا قد زال لكنه بقي فيه التعبد وهذا يدلنا على أنه لا يلزم إذا كان العمل المعين من هذه الأنساك أصله كذا أن يكون عملنا له الآن هو الشيء الذي شُرع من أجله.

المسألة الرابعة والستون:

بالنسبة للرمي إذا رمى الإنسان نفس العمود الشاخص الذي في وسط الحوض


(١) سورة الأحزاب آية (٣٦).

<<  <   >  >>