للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله في سؤاله أنه أبقى سراويله حياءً وخجلاً أقول له: إن هذا الحياء والخجل ليس محموداً، بل هو ضعف وخور، فإن الحياء الذي يمنع من ترك المحرم غير محمود فاعله وكذلك الحياء الذي يمنع من فعل الواجب فإنه غير محمود ولا ينبغي للإنسان أن يستحي من الحق بل عليه أن يفعل المشروع حتى وإن انتقده الناس فيه.

المسألة الرابعة والثمانون:

ما حكم من عمل محظوراً من محظورات الإحرام التسعة جاهلاً أو ناسياً؟

الجواب:

إذا عمل الإنسان شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه لعموم قوله تعالى { ... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ... } (١) وقوله { ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ... } (٢) وقوله تعالى في خصوص الصيد { ... وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ... } (٣) فدل هذا على أن غير المتعمد لا شيء عليه ولا فرق في هذا بين المحظور الذي يفسد النسك كالجماع وغيره. فكلها إذا فعلت نسياناً أو جهلاً أو إكراهاً لا شيء فيها وينبغي أن يعلم أن فاعل محظورات الِإحرام لا يخلو من ثلاث حالات إما أن يكون معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه فهذا لا شيء عليه، وإما أن يكون متعمداً بدون عذر يبيح له فعل المحظور فهذا عليه الإثم وما يقتضيه المحظور من فدية أو إفساد، وإما أن يكون متعمداً لكن لعذر يبيح له فعل المحظور فهذا عليه فدية بدون إثم لقوله تعالى { ... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... } (٤) فيفعل المحظور لحاجته إليه أو ضرورته ويؤدى ما فيه من فدية إن كان فيه فدية.


(١) سورة البقرة آية (٢٨٦).
(٢) سورة الأحزاب آية (٥).
(٣) سورة المائدة آية (٩٥).
(٤) سورة البقرة آية (١٩٦).

<<  <   >  >>