للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله در الشاعر الحكيم حيث قال:

وإذا عرتك بليّة فاصبر لها ... صبر الكريم فإنه بك أعلم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ... تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم (١)

الشرط الثالث: أن يكون الصبر في أوانه ولا يكون بعد انتهاء زمانه؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر فقال: ((اتقي الله واصبري)) [فقالت]: إليك عنِّي فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) (٢).أي الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر الجزيل؛ لكثرة المشقة فيه، وأصل الصدم الضرب في شيء صلب، ثم استعمل مجازاً في كل مكروه حصل بغتة (٣).

٢٨ - أمور لا تنافي الصبر ولا بأس بها ومنها:

الأمر الأول: الشكوى إلى الله تعالى؛ فالتضرع إليه ودعاؤه في أوقات الشدة عبادة عظيمة، فإن الله أخبر عن يعقوب بقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (٤).

وقال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى الله أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ


(١) الفوائد لابن القيم، ص١٦٥، وانظر: الصبر الجميل، لسليم الهلالي، ص٢٨.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، برقم ١٢٨٣، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى، برقم ١٥ (٩٢٦).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٨١.
(٤) سورة يوسف، الآية: ١٨.

<<  <   >  >>