للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا قال القرطبي في «تفسيره» (١).

وقد أشار غير واحد من الشراح إلى قدم حادثة زواج أبي أسيد أيضاً، كابن بطال بقوله: «وفيه: شرب الشراب الذي لا يسكر في العرس، وأن ذلك من الأمر المعروف القديم» (٢).

الشبهة الثانية: استدلال دعاة الاختلاط والفساد بما جاء عن عائشة - رضي الله عنها - في «الصحيحين» في خروج سودة لحاجتها ليلاً (٣)، وقال بعضهم معلقاً: «وفيه الإذن لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى».

والجواب: أن الخروج للحاجات لا ينكره أحد، ثم إن هذا جاء في رواية البخاري أنه قبل الحجاب صريحاً، ففي البخاري (٤) كان عمر يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: احجب نساءك، فلم يكن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل اللَّه آية الحجاب.

الشبهة الثالثة: استدلالهم بما جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، قَالَتْ:


(١) الجامع لأحكام القرآن، ٩/ ٩٨.
(٢) شرح صحيح البخاري، لابن بطال، ٧/ ٢٩٤.
(٣) البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلاَّ أنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}، برقم ٤٧٩٥، ومسلم، كتاب السلام، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان، برقم ٢١٧٠.
(٤) البخاري، كتاب الاستئذان، باب آية الحجاب، ٦٢٤٠.

<<  <   >  >>