للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة التاسعة: استدلالهم بما جاء عن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ». وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ، فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ، فَقَالَ: «لاَ تَفْعَلِي، إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ، أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ فَيَرَى الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ... » الحديث (١).

فهذه المرأة التي تُسمى أم شريك، وكانت من القواعد كبيرة صالحة، واسمها على الصحيح غزيلة بنت داود بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة، والقواعد لا يخاطبن بالحجاب والاحتراز من الرجال بنص القرآن قال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} (٢).

قال المفسرون من السلف كعطاء وسعيد بن جبير والحسن: هي المرأة الكبيرة التي لا تلد.

قال ابن عبد البر معلقاً على قصة أم شريك: «ففيه دليل على أن المرأة الصالحة المتجالة لا بأس أن يغشاها الرجال، ويتحدثون عندها، ومعنى الغثسيان الإلمام والورود» (٣).


(١) مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قصة الجساسة، برقم ٢٩٤٢.
(٢) سورة النور، الآية: ٦٠.
(٣) التمهيد، لابن عبد البر، ١٩/ ١٥٣.

<<  <   >  >>