للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا تأملنا السفور، وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة، منها الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها، وهي من أكبر دواعي الشر والفساد، ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها، فبهذا يتبين أنه يحرم على المرأة أن تكشف وجهها بحضور الرجال الأجانب، ويحرم عليها كشف صدرها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها، ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الأجانب, وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال, وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر؛ فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه، والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة الرجال, وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم.

وقد «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم من المسجد، وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ». فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ» (١). ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (٢)، فيحرم على المرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها؛ بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم، أو الاختلاط


(١) سنن أبي داود، برقم ٥٢٧٢، وتقدم تخريجه.
(٢) سورة النور، الآية: ٣١.

<<  <   >  >>