للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» (١).

فدلّ هذا الحديث العظيم على: أن تفضيل الصفوف الأخيرة مع فوات أجر التقدم (٢) يدلّ على مشروعية بعد المرأة عن الرجال، وأنها كلما كانت أبعد عنهم كانت أقرب إلى الخير، وكلما قربت منهم كانت أقرب إلى الشر، فدلّ على أن الاختلاط شر، والبعد عنه خير.

قال الإمام النووي - رحمه الله -: «وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال؛ لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال، وَرُؤْيَتهمْ، وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ، وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم» (٣).

وقال الشوكاني - رحمه الله -: «قوله: «خير صفوف النساء آخرها» إنما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال» (٤).

وقال السندي - رحمه الله - في حاشيته على سنن النسائي: «أي أقلها أجراً، وفي النساء بالعكس؛ وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل والرجل على المرأة، ثم


(١) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الصف الأول فالأول ... ، برقم ٤٤٠.
(٢) فإن الأصل أن المتقدم أعظم أجراً، وله أجر من خلفه؛ لأنهم يقتدون به؛ لما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: «تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم اللَّه».
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ١٥٩.
(٤) نيل الأوطار، ٣/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>