للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: ما فعل أنس بن النضر – عمّ أنس بن مالك – يوم أحد، تأخر - رضي الله عنه - عن معركة بدر، فشق عليه ذلك، وقال: أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غبت عنه، وإن أراني الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرانيَ الله تعالى ما أصنع (١)، فشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو، واهاً لريح الجنة (٢)، أجده دون أحد، فقاتلهم حتى قتل، فَوُجِدَ في جسده بضع وثمانون: من بين ضربة، وطعنة، ورمية، فما عرفته أخته – الرُّبيع بنت النضر – إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (٣)، فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه (٤).

والمسلم المجاهد في سبيل الله تعالى إذا رغب فيما عند الله تعالى، فإنه لا يبالي بما أصابه، رغبة في الفوز العظيم.

فلست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي جنب كان في الله مصرعي


(١) أي: ليرين الله الناس ما أصنع، ويبرزه لهم، وقال القرطبي كأنه ألزم نفسه إلزاماً مؤكداً، ولم يظهره مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك. عمدة القاري، للعيني، ١٤/ ١٠٣.
(٢) واهاً: قاله إما تعجباً، وإما تشوقاً إلى الجنة. انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٢٣.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ٢٣.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد، برقم ٤٠٤٨، ومسلم، واللفظ له، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم ١٩٠٣.

<<  <   >  >>