للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعية.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: ((ومن المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعاً، وقد اتفقا – أي البائع والمشتري – على حقيقة الربا الصريح قبل العقد، ثم غيّر اسمها إلى المعاملة وصورتها إلى التبايع الذي لا قصد لهما فيه البتة، إنما هو حيلة ومكر، وخديعة لله، فمن أسهل الحيل على من أراد فعله: أن يعطيه مثلاً: ألفاً إلا درهماً باسم القرض، ويبيعه خرقة تساوي درهماً بخمسمائة درهم. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات)) (١) أصل في إبطال الحيل، فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفاً بألف وخمسمائة، إنما نوى بالإقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر أنه ثمن الثوب، فهو في الحقيقة أعطاه ألفاً حالة بألف وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محللاً لهذا المحرم، ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حُرِّم الربا لأجلها بل يزيدها قوة، وتأكيداً من وجوه، منها: أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان والحكام إقداماً لا يفعله المربي؛ لأنه واثق بصورة العقد الذي تحيّل به)) (٢).


(١) البخاري، كتاب باب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي، برقم ١، ومسلم، كتب الإمارة، باب بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم، برقم ١٩٠٧.
(٢) نيل الأوطار، ٦/ ٣٦٣.

<<  <   >  >>