للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)) (١)، وفي لفظٍ: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه)) (٢)، وهذا هو الأفضل؛ لهذه الأدلة؛ ولغيرها (٣)، ولكن لا حرج لمن أراد الصيام إذا لم يشق عليه؛ لقول


(١) أحمد في المسند، ١٠/ ١٠٧، برقم ٥٨٦٦، و١٠/ ١١٢، برقم ٥٨٧٣، وصححه محققو المسند، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم ٥٦٤.
(٢) ابن حبان، ٨/ ٣٣٣، برقم ٣٥٦٨، وأخرجه ابن حبان أيضاً من حديث ابن عباس، ٢/ ٦٩، برقم ٣٥٤، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط، وأخرجه أيضاً الطبراني في المعجم الكبير، برقم ١١٨٨٠، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٣/ ١١، برقم ٥٦٤.
(٣) تقدم أن مذهب الحنابلة: القول بأن الفطر للمسافر هو الأفضل، وقول الجمهور الصيام هو الأفضل. وقول عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وقتادة، قالوا: أفضل الأمرين أيسرهما؛ لقول الله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة ١٨٥]. [المغني لابن قدامة، ٤/ ٤٠٨].
وذكر ابن الملقن رحمه الله تعالى في الأفضل للمسافر أربعة أقوال:
القول الأول: الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة، ولا ضرر.
القول الثاني: الفطر أفضل، وإليه ذهب ابن عباس وابن عمر.
القول الثالث: الصوم والفطر سواء لتعادل الأحاديث.
القول الرابع: من لا يتضرر بالصوم في الحال ولكن يخاف الضعف لو صام وكان سفر حج أو غزو فالفطر أولى [الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، ٥/ ٢٦١ - ٢٦٨، وقسم العلامة ابن عثيمين الصيام في السفر إلى ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: أن يشق عليه الصوم مشقة غير محتملة فيحرم الصوم ويجب الإفطار.
الحال الثاني: أن يشق عليه الصوم مشقة محتملة أي مشقة يسيره، فيكره الصوم ويستحب الإفطار، وهو أفضل.
الحال الثالث: أن لا يكون لصومه مزية على فطره ولا لفطره مزية على صومه، بل يستوى الأمران، فيكون الصوم أفضل؛ لما يأتي:
أولاً: أن هذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لحديث: (( ... وما فينا صائم إلا ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن رواحة)). وتقدم تخريجه.
ثانياً: أنه أسرع في إبراء الذمة.
ثالثاً: أنه أسهل على المكلف؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل.
رابعاً: أنه يدرك الزمن الفاضل وهو رمضان. [قلت: ولكن يَرِدُ على هذا أن المسافر يكتب له ما كان يعمل في إقامته].انظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين،١٩/ ١٣٤ - ١٤٠، والشرح الممتع له،
٦/ ٣٥٤ - ٣٥٧،و٦/ ٣٣٨ - ٣٤٠،ومجالس شهر رمضان، ص٨٢.

<<  <   >  >>