للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى أعلم (١). وسمعت شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله


(١) وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلاماً نفيساً في كتابه شرح العمدة، ١/ ٢٠٧، فذكر الأحاديث الثابتة في صيام المسافر، ثم ذكر أيهما أفضل للمسافر: الصوم أو الفطر؟ فقال عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس من البر الصوم في السفر))، [البخاري، برقم ١٩٤٦، ومسلم، برقم ١١١٥]. قال: والبر هو العمل الصالح، فقد بين - صلى الله عليه وسلم - أن الصوم في السفر ليس بعمل صالح، بل هو من المباح، فلا حاجة للإنسان أن يجهد نفسه به، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إذا مرض العبد أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)). [البخاري، برقم ٢٩٩٦]، فإذا سافر في رمضان وأفطر كتب له صوم رمضان، ثم إذا قضاه كتب له صوم القضاء، فلا يكون في الصوم زيادة فضل. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: ((عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها))، [النسائي، برقم ٢٢٥٧، وصححه الألباني وتقدم]. والرخصة عامة لجميع الناس. وقال في حديث ابن عمر: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته))، [أحمد، برقم ٥٨٦٦]، وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه))، [البخاري، برقم ٢٥٦٠، ومسلم، برقم ٢٣٢٧]. وقال - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لمعاذ وأبي موسى: ((يسّرا ولا تعسّرا))، [البخاري، برقم ٤٣٤٢، ومسلم، برقم ١٧٣٣]، وقال: ((إن الله تعالى وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة))، [النسائي، برقم ٢٢٦٦ - ٢٢٧٣، والترمذي، برقم ١٧١٥، وابن ماجه، برقم ١٦٦٧، وأبو داود، برقم ٢٤٠٨]. وقال في قصر الصلاة: ((صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته))، [مسلم، برقم ٦٨٦]، وعامة الصحابة على ذلك ... ثم ذكر آثاراً عن ابن عباس، وابن عمر، وعمر، وذكر ابن عباس: أن الصوم لا يجزئه، وعن عثمان بن أبي العاص وأنس أن الصوم أفضل؛ ولأن الفطر جائز بغير خلاف من غير كراهة، والصوم قد كرهه جماعة من الصحابة، وأمروا بالقضاء. [منهم أبو هريرة، وعمر [شرح العمدة، ١/ ٢١١]، وابن عباس [شرح العمدة، ١/ ٢٧٤]؛ ولأن الفطر أيسر وأخف والله يريد اليسر، ولا يريد بنا العسر، ويحب أن يؤتى ما أرخصه، والمفطر يجمع له أجر الصائم وأجر القضاء، وبهذا يتبين أن الفطر أرفع له بكل حال؛ ولأن في الفطر قبولاً للرخصة، وبراءة من التعمق والغلو في الدين، وشكر الله على ما أنعم به من الرخصة، والصحيح أنه إن شق عليه الصوم كره، ومن صام بدون مشقة فلا بأس بصومه. [شرح العمدة لابن تيمية، ١/ ٢٠٧ - ٢٤٤].

<<  <   >  >>