للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالأنثى وإني سميتها مريم) فيه دلالة على تفضيل الذكر على الأنثى، وعلى التسمية وقت الولادة، وعلى أن للأم تسمية الولد إذا لم يكره الأب (وإنّي أُعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم) دعت لها ولذرّيتها أن يُعيذهم اللَّه من الشيطان الرجيم. (فتقبّلها ربها بقبولٍ حسنٍ) أي: جعلها نذيرة مقبولة، وأجارها وذرّيتها من الشيطان (وأنبتها نباتًا حسنًا) أي: نبتت نباتاً حسناً في بدنها وخلقها وأخلاقها، لأن اللَّه تعالى قيّض لها زكريا - عليه السلام - (وكفّلها) إيّاه، وهذا من رفقه بها؛ ليربيها على أكمل الأحوال، فنشأت في عبادة ربها، وفاقت النساء، وانقطعت لعبادة ربّها، ولزمت محرابها أي: مصلاَّها فكان (كلّما دخل عليها زكريّا المحراب وجد عندها رزقًا) أي: من غير كسب ولا تعب، بل رزق ساقه اللَّه إليها، وكرامة أكرمها اللَّه بها، فيقول لها زكريا: (أنَّى لك هذا قالت هو من عند اللَّه) فضلاً وإحساناً (إن اللَّه يرزق من يشاء بغير حساب) أي: من غير حسبان من العبد، ولا كسب، قال تعالى: (ومن يتَّقِ اللَّهَ يجعلْ له مخرجًا ويرزقْهُ من حيثُ لا يحتسب) وفي هذه الآية دليل على إثبات كرامات الأولياء الخارقة للعادة، كما قد تواترت الأخبار بذلك، خلافاً لمن نفى ذلك)) (١).


(١) تيسير الكريم الرحمن (ص ١٢٨).

<<  <   >  >>