للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصاحب، وإذا كان الفتى في هذه المرحلة لا يتمكن من المعرفة التامة بالصاحب المناسب الذي يسلم من شره، وينتفع بخيره. وهنا يأتي دور الداعية ببيان ذلك للشباب وإعانتهم عليه.

ذكر الغزالي شروط الصاحب فقال: ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال: أن يكون عاقلاً، حسن الخُلق، غير فاسق، ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا.

أما العقل فهو رأس المال وهو الأصل، فلا خير في صحبة الأحمق، فإلى الوحشة والقطيعة ترجع عاقبتها وإن طالت. قال علي - رضي الله عنه -:

فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى ... حليماً حين آخاه

يقاس المرء بالمرء ... إذا ما المرء ما شاه

وللشيء من الشيء ... مقاييس وأشباه (١)

وأما حسن الخلق فلا بد منه، إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه، ولكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بخل أو جبن أطاع هواه، وخالف ما هو معلوم عنده، لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه، فلا خير في صحبته.

وأما الفاسق المصر على الفسق فلا فائدة في صحبته؛ لأن من


(١) هذه الأبيات من بحر الهزج، وذكرها أبو حيان التوحيدي في الصداقة والصديق (ص٢٥٩).

<<  <   >  >>