للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبد إلى الله تعالى شكراً على نعمته بهذا المولود (١).


(١) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ((وهذه الأحاديث حجة الجمهور في التفرقة بين الغلام والجارية، وعن مالك: هما سواء، فيعق عن كل واحد منهما شاة، واحتج بما جاء: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً))، [أخرجه أبو داود، برقم ٢٨٤١]، فقد أخرجه أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: ((كبشين كبشين))، وأخرج أيضاً من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مثله، وعلى تقدير ثبوت رواية أبي داود فليس في الحديث ما يرد به الأحاديث المتواردة في التنصيص على التثنية للغلام، بل غايته أن يدل على جواز الاقتصار، وهو كذلك، فإن العدد ليس شرطاً بل مستحب، وذكر الحليمي: أن الحكمة في كون الأنثى على النصف من الذكر أن المقصود استيفاء النفس، فأشبهت الدية، قوَّاه ابن القيم بالحديث الوارد: أن من أعتق ذكراً عتق كل عضو منه، ومن أعتق جاريتين كذلك، إلى غير ذلك مما ورد، ويحتمل أن يكون في ذلك الوقت ما تيسر العدد. واستدل بإطلاق الشاة والشاتين على أنه لا يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية، وفيه وجهان للشافعية، وأصحهما يشترط، وهو بالقياس لا بالخبر، ويذكر الشاة والكبش على أنه يتعين الغنم للعقيقة، وبه ترجم أبو الشيخ الأصبهاني، ونقله ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وقال البندنيجي من الشافعية: لا نص للشافعي في ذلك، وعندي أنه لا يجزئ غيرها، والجمهور على إجزاء الإبل والبقر أيضاً، وفيه حديث عند الطبراني، وأبي الشيخ عن أنس رفعه: ((يعق عنه: من الإبل، والبقر، والغنم، ونص أحمد على اشتراطه كامله، وذكر الرافعي بحثاً أنها تتأدى بالسبع كما في الأضحية، والله أعلم)) [فتح الباري، ٩/ ٥٩٢ – ٥٩٣].
قال ابن القيم رحمه الله: ((الفصل السادس: هل تشرع العقيقة بغير الغنم، كالإبل والبقر أم لا؟ وقد اختلف الفقهاء هل يقوم غير الغنم مقامها في العقيقة، ثم ذكر: عن أنس، وأبي بكرة، أنهما كانا يعقان عن أولادهما بالجزور. ثم قال: ((وأنكر بعضهم ذلك، وقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاتين عن الغلام، وعن الجارية بشاة، ولا يجوز أن يعق بغير ذلك، وثبت أن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولدت غلاماً للمنذر بن الزبير، فقيل لها: هلا عقيت جزوراً؟ فقالت: معاذ الله، كانت عمتي تقول: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة)). [البيهقي، ٩/ ٣٠١، وهو حديث صحيح]. ثم قال ابن القيم: ((قال ابن المنذر: ولعل حجة من رأى العقيقة تجزئ بالإبل، والغنم والبقر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دماً))، ولم يذكر دماً دون دم، فما ذبح للمولود على ظاهر هذا الخبر يجزئ، قال: ويجوز أن يقول قائل: إن هذا مجمل وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة)) مفسَّر، والمفسَّر أولى من المجمل)). [انظر: تحفة المودود بأحكام المولود، ص٥٤ – ٥٥].
قلت: والذي يظهر لي: أنه لا يُعدل عن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أقوال الرجال، فقول: من قال: إنه لا يجزئ إلا الغنم قول قوي، وهو الصواب والعلم عند الله تعالى.

<<  <   >  >>