للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال [أبو هريرة - رضي الله عنه -: فأنا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بإصبعه: هكذا في جيبه، فلو رأيته يوسعها ولا تتسع))] (١).

قيل: هو تمثيل لنماء المال بالصدقة والإنفاق، والبخل بضد ذلك.

وقيل: هو تمثيل لكثرة الجود والبخل، وأن المعطي إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعوّد ذلك، وإذا أمسك صار ذلك عادة له.

وقيل: معنى يمحو أثره: أي يذهب بخطاياه ويمحوها, والحديث جاء على التمثيل لا على الخبر عن كائن.

وقيل: ضرب المثل بهما؛ لأن المنفق يستره الله تعالى بنفقته، ويستر عوراته في الدنيا والآخرة، كستر هذه الجنة لابسها، والبخيل كمن لبس جبة إلى ثدييه، فيبقى مكشوفاً بادي العورة مفتضحاً في الدنيا والآخرة (٢).

وقيل: هذا مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - للبخيل والمتصدق، فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما أن يلبس درعاً يستتر به من سلاح عدوِّه، فصبها على رأسه ليلبسها، والدرع أول ما تقع على الصدر والثديين إلى أن يدخل الإنسان يديه في كميها، فجعل المنفق كمن لبس درعاً سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه، وهو معنى قوله: ((حتى تعفوَ أثره)) أي تستر جميع بدنه. وجعل البخيل كمثل رجل غُلَّت يداه إلى عنقه, كلما أراد لبسها اجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته، وهو معنى قوله: ((قلصت)) أي: تضامت واجتمعت، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب مثل البخيل والمتصدق، برقم ١٤٤٣، ١٤٤٤، ٢٩١٧، ٥٢٩٩، ٥٧٩٧، ومسلم، كتاب الزكاة، باب مثل المنفق والبخيل، برقم ١٠٢١.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١١٤.

<<  <   >  >>