للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعد العصر (١)، والقولان تفصيلاً على النحو الآتي:

القول الأول: إنها من جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة، وحجة هذا القول؛ حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال: قال لي عبد الله بن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة)) (٢).


(١) انظر: المرجع السابق، ١/ ٣٩٠، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٨٨.
(٢) مسلم، كتاب الجمعة، باب في الساعة التي في يوم الجمعة، برقم ٨٥٣، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (٤٨٨): ((ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة))، قال النووي: ((هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة، ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله، ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يرفعه، قال: [القائل الدارقطني]: ((والصواب أنه من قول أبي بردة، كذلك رواه يحيى القطان عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة وتابعه واصل الأحدب ومخالد روياه عن أبي بردة من قوله، وقال النعمان بن عبد السلام عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه موقوف ولا يثبت قوله عن أبيه، وقال أحمد بن حنبل عن حماد بن خالد: قلت لمخرمة سمعت من أبيك شيئاً؟ قال: لا. هذا كلام الدارقطني. وهذا الذي استدركه [القائل النووي] بناه على القاعدة المعروفة له ولأكثر المحدثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث: وقف ورفع، أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال، وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة، والصحيح طريقة الأصوليين، والفقهاء، والبخاري، ومسلم، ومحققي المحدثين أنه يحكم بالرفع والاتصال؛ لأنها زيادة ثقة، وقد سبق التنبيه على مثل هذا في الفصول السابقة في مقدمة الكتاب، وسبق التنبيه على مثل هذا في مواضع أخرى بعدها، وقد روينا في سنن البيهقي عن أحمد بن سلمة قال: ذاكرت مسلم بن الحجاج حديث مخرمة هذا فقال مسلم: هو أجود حديث وأصحه في بيان ساعة الجمعة)) انتهى كلام النووي رحمه الله. شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٩٠، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز يقول عن حديث أبي بردة عن أبي موسى أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٨٨: ((القاعدة أن زيادة الثقة مقبولة، وهذا ما لا يقال بالرأي فلا يمنع أن يكون مرفوعاً))، وسمعته يقول أثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم ٨٥٣: ((والصواب مع مسلم، فإن زيادة الثقة مقبولة، وهو صحيح مرفوعاً)).

<<  <   >  >>