للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: ((لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول)) (١). فمفهوم الحديث وجوب الزكاة عند تمام الحول؛ ولأن هذه عبادة فلا يشترط لوجوبها إمكان الأداء، كسائر العبادات؛ فالصوم يجب على الحائض، والمريض العاجز عن أدائه، والصلاة تجب على المغمى عليه، والنائم، والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه، أو منعه من المضي مانع (٢)، فتجب الزكاة في المال الغائب وفي الدين، فكون المالك ليس متمكناً من إخراج الزكاة؛ لغيبة ماله أو كونه ديناً لا يسوغ ذلك إسقاط الزكاة عنه (٣).

المسألة الثالثة: لا يعتبر في وجوب الزكاة بقاء المال، فالزكاة لا تسقط بتلف المال على الصحيح إذا تعدى أو فرط, أما إذا لم يتعدَّ ولم يفرط فإنها تسقط بتلف المال على الصحيح، ومعنى التفريط: أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها, وإن لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط, سواء كان ذلك لعدم المستحق؛ أو لبعد المال عنه؛ أو لكون الفرض لا يوجد في المال, ويحتاج إلى شرائه فلم يجد ما يشتري به، أو كان في طلب الشراء، أو نحو ذلك (٤)، والله


(١) أبو داود، برقم ١٥٧١، وصححه الألباني في صحيح أبي داود, وتقدم تخريجه.
(٢) المغني لابن قدامة، ٣/ ١٤٣، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٦/ ٣٧٦، والروض المربع، ٣/ ١٨٣، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٦/ ٤٧، والسلسبيل في معرفة الدليل للبليهي، ١/ ٢٥٣.
(٣) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل يعتبر في وجوب الزكاة إمكان الأداء أو لا يعتبر على قولين:
القول الأول: أن الزكاة تجب بحلول الحول سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن وبهذا قال الإمام أحمد، وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه.
القول الثاني: لا تجب الزكاة إلا إذا تمكن من الأداء، وهذا قول مالك، وأحد قولي الشافعي، والأرجح القول الأول والله تعالى أعلم. المغني، لابن قدامة، ٤/ ١٤٣، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٦/ ٣٧٦ - ٣٧٧، والكافي لابن قدامة، ٢/ ٩٤.
(٤) انظر: المغني لابن قدامة، ٤/ ١٤٤، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٦/ ٣٧٧، والسلسبيل في معرفة الدليل، ١/ ٢٥٤، والشرح الممتع، ٦/ ٤٧، والروض المربع، ٣/ ١٨٣.

<<  <   >  >>