للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: فضائل الحج والعمرة]

فضائل الحج والعمرة كثيرة، منها الفضائل الآتية:

أولاً: من حج البيت الحرام، أو اعتمر فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج هذا البيت فلم يرفث (١)، ولم يفسق (٢)، رجع كما ولدته أمه)) (٣)، وفي لفظ مسلم:

((من أتى هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه)) (٤)، وهذا


(١) فلم يرفث: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: ((إنما الرفث ما روجع به النساء))، كأنه يرى الرفث الذي نهى اللَّه عنه ما خوطبت به المرأة، فأما ما يقوله ولم تسمعه امرأة فغير داخل فيه. وقال الأزهريُّ: ((الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة)). [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٢/ ٢٤١].
وقال الإمام ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير قوله تعالى: (فلا رفث): أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث، وهو الجماع، كما قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، وكذلك يحرم تعاطي دواعيه: من المباشرة، والتقبيل، ونحو ذلك، وكذلك التكلم به بحضرة النساء)) [تفسير القرآن العظيم، ٢/ ٢٤٢].
(٢) ولم يفسق: أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة، والجور، وبه سُمِّيَ العاصي فاسقاً. [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٣/ ٤٤٦]، ولا شك أن الفسوق: هو جميع المعاصي كما قال اللَّه تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: ١٩٧]، فيدخل في الفسوق جميع المعاصي كما صوَّبه الإمام ابن كثير في تفسيره، ٢/ ٢٤٤، ومن ذلك الوقوع في محظورات الإحرام، والسباب، والشتم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) [أخرجه البخاري برقم ٦٠٤٤، ومسلم، برقم ٦٣. وغير ذلك من أنواع المعاصي، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه اللَّه يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ١٥٢١، والحديث رقم ١٨١٩: ((يدخل في الفسق المعاصي التي قبل الحج، فإذا كان مُصِرَّاً عليها فهو فاسق))، ((والرفث: الجماع ودواعيه)).
(٣) متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، برقم ١٥٢١، وكتاب المحصر، برقم ١٨١٩، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، برقم ١٣٥٠.
(٤) صحيح مسلم، برقم ١٣٥٠، وفي الترمذي ((غفر له ما تقدم من ذنبه)).انظر: صحيح الترمذي١/ ٢٤٥.

<<  <   >  >>