للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تؤتى عزائمُه)) (١). ولكن لو أتم المسافر الصلاة الرباعية أربعًا فصلاته

صحيحة ولكنه خالف الأفضل؛ لأن عائشة رضي اللَّه عنها كانت تتم في السفر بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأتم عثمان - رضي الله عنه - بمنى (٢)، ولكن ما داوم عليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره أفضل بلا شك (٣)، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز رحمه اللَّه يقول: ((أصل الصلاة ركعتان كما فرضها اللَّه تعالى، ثم زاد فيها سبحانه في الحضر بعد الهجرة ثنتين، في العشاء، والظهر، والعصر، وبقيت صلاة السفر على حالها: الظهر، والعصر، والعشاء ركعتان، وهذا يؤيد الأصل، والمغرب والفجر بقيت على أصلها، فالقصر سنة مؤكدة، ولكن لا مانع من الإتمام في السفر، والقصر صدقة من اللَّه، فمن صلى أربعًا فلا حرج، وقد كانت عائشة رضي اللَّه عنها تتم في السفر، وتأولت أنه لا يشق عليها، ولم ينكر عليها الصحابة، وهي من أعلم


(١) أخرجه ابن حبان من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، ٢/ ٦٩، برقم ٣٥٤، والطبراني في المعجم الكبير، برقم ١١٨٨٠، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٣/ ١١، برقم ٥٦٤.
(٢) إتمام عائشة رضي اللَّه عنها في السفر رواه مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم ٣ - (٦٨٥)، وإتمام عثمان - رضي الله عنه - في منى رواه البخاري في كتاب التقصير، باب الصلاة بمنى، برقم ١٠٨٤، وكتاب الحج، باب الصلاة بمنى، برقم ١٦٥٦، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب قصر الصلاة بمنى، برقم ٦٩٥.
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه: ((وقد تنازع العلماء في التربيع [في السفر] هل هو محرم أو مكروه؟ أو ترك الأولى؟ أو مستحب؟ أو هما سواء؟ على خمسة أقوال: ((أحدها: قول من يقول: الإتمام أفضل، كقولٍ للشافعي، والثاني: قول من يسوي بينهما كبعض أصحاب مالك، والثالث: قول من يقول القصر أفضل، كقول الشافعي الصحيح، وإحدى الروايتين عن أحمد، والرابع: قول من يقول: القصر واجب، كقول أبي حنيفة ومالك في رواية، وأظهر الأقوال: قول من يقول: إنه سنة والإتمام مكروه؛ ولهذا لا تجب نية القصر عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة، ومالك، وأحمد في أحد القولين عنه في مذهبه)). مجموع الفتاوى، ٢٤/ ٩، ١٠، ٢١ - ٢٢.

<<  <   >  >>