للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة أن الجمهور من أهل العلم على أن مسافة السفر التي تقصر فيها الصلاة أربعة بُرُد، والبريد مسيرة نصف يوم، وهو أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، فإذا كانت مسافة سفر الإنسان ستة عشر فرسخًا أو ثمانية وأربعين ميلاً فله أن يقصر عند الجمهور (١)، وهذا هو الأحوط للمسلم، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز رحمه اللَّه يقول (٢): ((الأولى في هذا أن ما يعد سفرًا تلحقه أحكام السفر: من قصر وجمع، وفطر، وثلاثة أيام للمسح على الخفين؛ لأنه يحتاج إلى الزاد والمزاد: أي ما يعد سفرًا وما لا فلا، ولكن إذا عمل المسلم بقول

الجمهور وهو أنَّ ما يُعدُّ سفرًا هو يومين قاصدين (٣)، أما البريد


(١) المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر إذا خرج عن جميع بيوت قريته من الأمور التي اختلف فيه العلماء حتى حكاه ابن المنذر وغيره فيها نحوًا من عشرين قولاً، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه: أن العلماء تنازعوا هل يختص القصر بسفر دون سفر، أو يجوز في كل سفر، واختار أن أظهر الأقوال أنه يجوز في كل سفر قصيرًا كان أو طويلاً، كما قصر أهل مكة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومنى، وبين مكة وعرفة نحو بريد: أربعة فراسخ، ولكن لابد أن يكون ذلك مما يعد سفرًا مثل: أن يتزود له، ويبرز للصحراء، وتنازع العلماء في قصر أهل مكة، فقيل: كان ذلك لأجل النسك، وقيل: كان ذلك لأجل السفر، وكلا القولين قال به بعض أصحاب أحمد، والقول الثاني هو الصواب، وهو أنهم قصروا لأجل سفرهم؛ ولهذا لم يكونوا يقصرون بمكة وكانوا محرمين، والقصر معلق بالسفر وجودًا وعدمًا. انظر مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٤ - ١١ - ٤١. والمغني لابن قدامة، ٣/ ١٠٥ - ١٠٩، وفتح الباري لابن حجر، ٢/ ٥٦٦ - ٥٦٨.
(٢) سمعته منه أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٥٧.
(٣) اليومان القاصدان هما أربعة برد، والبريد مسيرة نصف يوم، ومعنى القاصدين: أي لا يسير فيها الإنسان ليلاً ونهارًا سيرًا بحتًا، ولا يكون كثير النزول والإقامة، والبريد قدروه بأربعة فراسخ، فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخًا، والفرسخ قدروه بثلاثة أميال، فتكون ثمانية وأربعين ميلاً، والميل المعروف ألف وستمائة متر، فتكون الأربعة برد =٧٦.٨ كيلو تقريبًا، وقيل: ٨٠.٦٤ كيلو، وقيل: ٧٢، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه اللَّه: والميل المعروف = كيلو وستين في المائة. انظر: الشرح الممتع،٤/ ٤٩٦، تيسير العلام للبسام،١/ ٢٧٣،والفتح الرباني للبنا، ٥/ ١٠٨.

<<  <   >  >>