للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شِعْبٌ ولا نَقْبٌ (١) إلا عليه مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حتى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا)) (ثُمَّ قال لِلنَّاسِ) ((ارْتَحِلُوا)) فَارْتَحَلْنَا. فَأَقْبَلْنَا إلى الْمَدِينَةِ، فَوَالَّذِي نَحْلِفُ بِهِ أو يُحْلَفُ بِهِ (الشَّكُّ من حَمَّادٍ) ما وَضَعْنَا رِحَالَنَا حين دَخَلْنَا المدِينَة (٢) حتى أَغَارَ عَلَيْنَا بَنُو عبد اللَّه بن غَطَفَانَ، وما يَهِيجُهُمْ (٣) قبل ذلك شَيْءٌ.

وفي رواية عن أبي سَعِيدٍ مولى الْمَهْرِيِّ، أَنَّهُ جاء أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ،

لَيَالِي الْحَرَّةِ (٤)، فَاسْتَشَارَهُ في الْجَلَاءِ (٥) من الْمَدِينَةِ، وَشَكَا إليه أَسْعَارَهَا وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ، وَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا صَبْرَ له على جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا، فقال له: وَيْحَكَ، لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ، إني سمعت رَسُولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ على لَأْوَائِهَا فَيَمُوتَ، إلا كنت له شَفِيعًا أو شَهِيدًا يوم الْقِيَامَةِ، إذا كان مُسْلِمًا)).

وفي رواية أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنِّي حَرَّمْتُ ما بين لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ كما حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ)) قال: ثُمَّ كان أبو سَعِيدٍ يَأْخُذُ (وقال أبو


(١) (شعب ولا نقب) قال أهل اللغة: الشعب هو الفرجة النافذة بين الجبلين. وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل. والنقب هو مثل الشعب، وقيل هو الطريق في الجبل. قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها.
(٢) (ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة ... إلخ) معناه أن المدينة في حال غيبتهم عنها كانت محمية محروسة، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أن بني عبد اللَّه بن غطفان أغاروا عليها حين قدمناه، ولم يكن قبل ذلك يمنعهم من الإغارة عليها مانع ظاهر، ولا كان لهم عدو يهيجهم ويشتغلون به، بل سبب منعهم قبل قدومنا حراسة الملائكة، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) (وما يهيجهم) قال أهل اللغة: يقال هاج الشر وهاجت الحرب وهاجها الناس، أي تحركت وحركوها. وهجت زيداً، حركته للأمر. كله ثلاثي.
(٤) (ليالي الحرة) يعني الفتنة المشهورة التي نهبت فيها المدينة سنة ثلاث وستين.
(٥) (الجلاء) هو الفرار من بلد إلى غيره.

<<  <   >  >>