للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال جابر - رضي الله عنه -: حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: "إن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع (١) ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دمٍ أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله (٢) فاتقوا اللَّه في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان اللَّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه (٣) ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم (٤) أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهُنَّ ضرباً غير مبرِّح (٥)، ولهُنَّ عليكم رزقهنَّ وكُسوتهنَّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما


(١) والمعنى أنه أبطل كل شيء من أمور الجاهلية وصار كالشيء الموضوع تحت القدمين فلا يعمل به في الإسلام، فجعله كالشيء الموضوع تحت القدم من حيث إهماله وعدم المبالاة به. انظر: شرح النووي، ٨/ ٤٣٢، وشرح الأبي، ٤/ ٢٥٥، وفتح الملك المعبود، ٢/ ١٨.
(٢) والمعنى الزائد على رأس المال باطل، أما رأس المال فلصاحبه بنص القرآن، انظر: شرح النووي، ٨/ ٤٣٣.
(٣) قيل: الكلمة هي: الأمر بالتسريح بالمعروف، أو الإمساك بإحسان، وقيل: هي لا إله إلا اللَّه، وقيل: الإيجاب والقبول، وقيل: هي قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء، الآية: ٣]. قال النووي: ((وهذا هو الصحيح ويدخل فيه القبول والإيجاب)) شرح النووي،
٨/ ٤٣٣، وشرح الأبي، ٤/ ٢٥٦، وفتح الملك المعبود، ٢/ ١٩.
(٤) والمعنى لا يأذنَّ لأحد من الرجال أو النساء تكرهون أن يدخل منازلكم، وليس المراد من ذلك الزنا؛ لأنه حرام سواء كرهه الزوج أو لم يكرهه؛ ولأن فيه الحد. شرح النووي، ٨/ ٤٣٣، والأبي، ٤/ ٢٥٧، وفتح الملك المعبود، ٢/ ٢٠.
(٥) غير المبرِّح: لا شديد ولا شاق، انظر: فتح الملك المعبود، ٢/ ١٩، وشرح النووي، ٨/ ٤٣٤.

<<  <   >  >>