للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}: ((هذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقيل: بل هي قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للَّهِ}، والأول أظهر)) (١).

وقال الإمام الطبري رحمه اللَّه في تأويل قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} قال بعد أن ذكر أقوال أهل العلم: ((وأولى التأويلات بالصواب في ذلك: قول من قال: ((ومن كفر)) ومن جحد فرض ذلك، وأنكر وجوبه، فإن اللَّه غنيٌّ عنه وعن حجه، وعن العالمين جميعاً)) (٢)؛ ولهذا قال رحمه اللَّه: ((ومن جحد ما ألزمه اللَّه من فرض حج بيته، فأنكره، وكفر به؛ فإن اللَّه غنيٌّ عنه، وعن حجِّه وعمله، وعن سائر خلقه: من الجن والإنس ... )) (٣).

وأما السنة؛ فلإحاديث كثيرة، منها الأحاديث الآتية:

١ - حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: نُهينا أن نسأل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية، العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن اللَّه أرسلك؟ قال: ((صدق) قال: فمن خلق السماء؟ قال: ((اللَّه) قال: فمن خلق الأرض؟ قال: ((اللَّه) قال: فمن

نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: ((اللَّه) قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب الجبال، اللَّه أرسلك؟ قال: ((نعم)

قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، فقال: ((صدق) قال: فبالذي أرسلك اللَّه أمرك بهذا؟ قال: ((نعم) قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال: ((صدق)، قال: فبالذي أرسلك اللَّه أمرك بهذا؟ قال: ((نعم) قال: وزعم رسولك أنَّ علينا صومَ شهر رمضان في سنتنا، قال ((صدق) قال: فبالذي أرسلك: اللَّه أمرك بهذا؟ قال: ((نعم)


(١) تفسير ابن كثير، ٤/ ١٢٠.
(٢) جامع البيان، للطبري، ٧/ ٥١.
(٣) المرجع السابق، ٧/ ٥٧.

<<  <   >  >>