للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينزل الحجاب, قالت: فأنزل اللَّه الحجاب» (١). ولكن قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: «هكذا وقع في هذه الرواية, والمشهور أن هذا كان بعد نزول الحجاب، كما رواه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رحمه الله - قالت: خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها, وكانت امرأة جسيمة, لا تخفى على من يعرفها, فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة أما واللَّه ما تَخْفَيْنَ علينا, فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة، ورسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وإنه ليتعشّى وفي يده عَرْقٌ (٢) , فدخلت فقالت: يارسول اللَّه إني خرجت لبعض حاجتي, فقال لي عمر: كذا وكذا, قالت: فأوحى اللَّه إليه, ثم رُفعَ عنه، وإن العرق في يده ما وضعه, فقال: «إنه قد أذنَ لكن أن تخرجن لحاجتكن» (٣). لفظ البخاري» (٤).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: «والحاصِل أَنَّ عُمَر - رضي الله عنه - وقَعَ فِي قَلبه نُفرَة مِن اطِّلاع الأَجانِب عَلَى الحَرِيم النَّبَوِيّ، حَتَّى صَرَّحَ بقَولهِ لَهُ عَلَيهِ الصَّلاة والسَّلام: اُحجُب نِساءَك، وأَكَّدَ ذَلِكَ إِلَى أَن نَزَلَت


(١) أخرجه ابن جرير بسنده في جامع البيان، ٢٢/ ٢٨.
(٢) العرق: العظم أخذ عنه معظم اللحم، وبقي عليه لحوم رقيقة طيبة.
(٣) المسند، ٤٠/ ٣٣٣، برقم ٢٤٢٩٠، والبخاري في كتاب الوضوء، باب خروج النساء إلى البراز، برقم ١٤٦، ورقم ١٤٧، و٤٧٩٥، و٥٢٣٧، و٦٢٤٠، ومسلم، كتاب السلام، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان، برقم ٢١٧٠.
(٤) تفسير القرآن العظيم، ١١/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>