للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل العلم، والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب، وتغطية الوجه عند الأجانب، ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن» (١).

وهذا الحديث صريح في شمول الحجاب للوجوه، بل يفيد أن تغطية الوجوه كان هو المقصود بأمر الحجاب، والحديث حكمه عام لجميع نساء المؤمنين؛ فإن المراد بضمائر جمع المتكلم ليست أمهات المؤمنين فحسب كما يزعمه الزاعمون، والدليل على ذلك أن عائشة - رحمه الله - التي روت هذا الحديث، وهي التي كانت تفتي: بأن المرأة المحرمة تسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها.

وروى مالك في الموطأ ما يفيد أن تغطية الوجوه في الإِحرام كان عامًّا في النساء، لا في زمن الصحابة فقط، بل فيما بعدهم أيضَاً، فقد روي عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نُخَمِّرُ وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق فلا تنكره علينا» (٢).

وهذا العموم هو الذي فهمه العلماء في حديث عائشة.


(١) رسالة الحجاب، ص ١٨ - ١٩.
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، برقم ١٦، وابن خزيمة، برقم ٢٦٩٠، والحاكم، ١/ ٤٥، وصححه، ووافقه الذهبي، وتقدم تخريجه.

<<  <   >  >>