للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على محمد بن مسلمة لما أخبرهم أنه تخبأ لمخطوبته حتى نظر إليها وهي لا تشعر، فأخبرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رخَّص في ذلك للخاطب.

وكذلك المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - لما طلب النظر إلى المخطوبة كَرِه ذلك والداها، وأعظمت ذلك المرأةُ، وشددت على المغيرة، ثم مكنته من النظر إليها طاعة لأمر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.

وفي هذه الأحاديث أيضاً بيان ما كان عليه نساء الصحابة - رضي الله عنهم - من المبالغة في التستر من الرجال الأجانب؛ ولهذا لم يتمكن جابر ومحمد بن مسلمة - رضي الله عنهما - من النظر إلى المخطوبة إلا من طريق الاختباء والاغتفال، وكذلك المغيرة لم يتمكن من النظر إلى مخطوبته إلا بعد إذنها له في النظر إليها» (١).

وكذلك يشهد لهذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر - رضي الله عنه - المتقدم: «فإن استطَاعَ أن يَنظرَ إلى ما يَدعُوه إلى نِكَاحِهَا فَليَفعَل».

وقال الشيخ أبو هشام الأنصاري معلقاً على حديث المغيرة - رضي الله عنه -: «وهذا الحادث يدل أيضَاً على أن النساء كن قائمات بالتستر بحيث لم يكن الرجل يقدر على أن يراهن إلا بالحيل والتصرفات، أو إلا أن يسمحن له بالرؤية، ولو كن يخرجن سافرات الوجوه، كاشفات الخدين، مكتحلات العينين، مخضوبات الكفين لم يكن الرجال يحتاجون إلى تجشم هذه المشقات في رؤيتهن».


(١) الصارم المشهور، ص ٩٤ - ٩٥.

<<  <   >  >>