للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبرة، ثم أورثت حسرة، وكم من متضمخة بالأفعاء (١) ساقت مرضى النفوس إلى لقاء، وكم من لقاء أدَّى إلى إفضاء، وللَّه در القائل:

نظرة فابتسامةٌ فسلامٌ ... فكلامٌ فموعدٌ فلقاءٌ (٢)

قال ابن القيم - رحمه الله -: «دافِع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلًا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة، فيصعب عليك الانتقال عنها» (٣).

لهذا كانت طهارة قلوب الفريقين حكمة من حكم الشارع العظيمة التي أشار إليها في قوله الكريم: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (٤).

ومن عرف أن هذه الآية نزلت في أمهات المؤمنين اللاتي حفظهن اللَّه تعالى، أدرك أن حُكمها يعم كافة النساء؛ لأنهن أحوج إلى طهارة القلوب من نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللاتي طهَّرهن اللَّه، وجعل لهن أمومة شرعيةً تنأى بالمؤمنين عن تصورهن بغير هذا المعنى الكريم.

وقلوب رجال المؤمنين بحاجة أيضًا إلى هذه الطهارة التي


(١) الأفعاء: الروائح الطيبة، كما في القاموس المحيط.
(٢) القائل هو الشاعر أحمد شوقي، انظر: الشوقيات، ٢/ ١١٢.
(٣) الفوائد، ص ٣١.
(٤) سورة الأحزاب، الآية: ٥٣.

<<  <   >  >>