للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والمراد: أنه نظر أعلاها وأسفلها.
والتشديد: إما للمبالغة في التأمل، وإما للتكرير، وبالثاني جزم القرطبي في المفهم، قال: أي نظر أعلاها وأسفلها مرارًا.
ووقع في رواية الفضيل بن سليمان: «فخفَّض فيها البصر ورفَّعه»، وهما بالتشديد أيضًا» [فتح الباري، ٩/ ٢٠٦].
فلما كان التصويب: النظر إلى أسفلها، لزم منه أن يكون قطعًا إلى مستور؛ لأن سُوقَ النساء الحرائر عورة بإجماع المسلمين، فكذلك «التصعيد» مثله، لابدَّ وأن يكون إلى مستور أيضًا استصحابًا للحال، خاصة وأن ستر الوجه كان عمل الأمة منذ نزول آيات الحجاب.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري: « ... استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات، لئلا يراهن الرجال».
ونَقلَ أيضًا عن الغزالي أنه قال: «لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات» [فتح الباري، ٩/ ٣٣٧، ومثله في إرشاد الساري، ٨/ ١١٧ - - ١١٨، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٨/ ٦٢ - - ٦٣، وانظر هذا النص في مصدره الأصلي: إحياء علوم الدين، ٢/ ٤٧].
فمن ادَّعى كشف وجه المرأة الواهبة نفسها أَعْوزَه هذا الادِّعاء إلى الدليل الناطق بذلك، ودونه خرط القتاد؛ أو يلزمه - حينئذ - القول بأن أسفلها كان مكشوفًا كأعلاها، ولا قائل به. ولمَّا كان الأمر على هذا، فكيف أجاز أولئك التفريقَ بين متلازمَين - أعني بهما: التصويب والتصعيد - مع أنهما في حديث واحد؟!!
ولمَّا كان مجيزو كشف الوجه يقولون بستر أسفلها، فإنه يلزمهم - أيضًا - القول بستر أعلاها - أي وجهها -، وبالتالي: لم يبقَ لهم في هذا الحديث حجة؛ لأن اللغة تشهد أن منطوقه ومفهومه خارجان عن دائرة النزاع.
ب - وعلى فرض أن هذه المرأة كانت كاشفة عن وجهها، فقد جاءت تعرض نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم - للزواج منها، ولها - في هذه الحالة - أن تكشف وجهها ليتأمله، فيُفصحَ عن رغبته فيها، أو عزوفه عنها.
ج - ومن جهة أخرى، فإن ذلك خصوصية للرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات =

<<  <   >  >>