للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الرابعة: ما جاء في حديث جابر بن عبد اللَّه - رضي الله عنهما - قال: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلاَلٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ»، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ (١)، سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ (٢)، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»، قَالَ فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ» (٣).

فقال من يحتج بالسفور في قول جابر - رضي الله عنه -: «سفعاء الخدين» يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت متحجبة لما رأى خديها، ولما علم بأنها سفعاء الخدين.

والجواب: أولاً: أن الحديث ليس فيه حجة لأهل السفور، قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -: «وأجيب عن حديث جابر هذا بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآها كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابراً رأى وجهها،


(١) سطة النساء: أي جالسة وسطهن.
(٢) أي: فيهما تغير وسواد.
(٣) أخرجه البخاري، في مواضع من صحيحه، منها: كتاب العيدين، باب العلم الذي بالمصلى، برقم ٩٧٧، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، برقم ٤ - (٨٨٥)، واللفظ له.

<<  <   >  >>