للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: السَّفْعَةُ فِي الْخَدَّيْنِ مِنَ الْمَعَانِي الْمَشْهُورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَنَّهَا سَوَادٌ وَتَغَيُّرٌ فِي الْوَجْهِ، مِنْ مَرَضٍ أَوْ مُصِيبَةٍ أَوْ سَفَرٍ شَدِيدٍ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيِّ يَبْكِي أَخَاهُ مَالِكًا:

تَقُولُ ابْنَةُ الْعُمَرِيِّ مَا لَكَ بَعْدَمَا ... أَرَاكَ خَضِيبًا نَاعِمَ الْبَالِ أَرْوَعَا

فَقُلْتُ لَهَا طُولُ الْأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي ... وَلَوْعَةُ وَجْدٍ تَتْرُكُ الْخَدَّ أَسْفَعَا

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنَ السَّفْعَةِ مَا هُوَ طَبِيعِيٌّ كَمَا فِي الصُّقُورِ، فَقَدْ يَكُونُ فِي خَدَّيِ الصَّقْرِ سَوَادٌ طَبِيعِيٌّ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

أَهْوَى لَهَا أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ مُطَّرِقُ ... رِيشَ الْقَوَادِمِ لَمْ تُنْصَبْ لَهُ الشَّبَكُ

وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ السَّفْعَةَ فِي الْخَدَّيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى قُبْحِ الْوَجْهِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّ قَبِيحَةَ الْوَجْهِ الَّتِي لَا يَرْغَبُ فِيهَا الرِّجَالُ لِقُبْحِهَا، لَهَا حُكْمُ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا» (١).

رابعاً: أن هذه المرأة ربما تكون من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، فلا تثريب عليها في كشف وجهها على النحو المذكور، ولا يمنع ذلك من وجوب الحجاب على غيرها، قال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ


(١) أضواء البيان، ٦/ ٥٩٧ - ٥٩٩، ومما يؤيده أن الإمام ابن قدامة: أشار إلى استثناء القواعد، من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا من قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} الآية، فحكى: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله: «فنسخ، واستثنى من ذلك {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} الآية، ثم قال ابن قدامة: «وفي معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى». المغني، ٦/ ٥٦٠.

<<  <   >  >>