للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (١).

وقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢)، كل هذه الأوامر بالحجاب إنما نزلت في

سورة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة النبوية، وشاع الحجاب بعدها في المجتمع المسلم بعد نزولها، وقبل الأمر بغض البصر، الذي نزل في سورة النور التي نزلت في السنة السادسة من الهجرة (٣).

ومما يدل على ذلك أيضاً قول أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك: «بينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني، فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرت - وفي رواية: فسترت - وجهي بجلبابي» (٤).

فهذا الحديث يؤكد أن الأمر بغض البصر الوارد في سورة النور متأخر عن الأمر بالحجاب الذي ورد في سورة الأحزاب التي نزلت


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٥٣.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٥٩.
(٣) انظر: عمدة القاري للعيني، ٢٠/ ٢٢٣.
(٤) صحيح البخاري، برقم ٤١٤١، ومسلم، برقم ٢٧٧٠، وتقدم تخريجه.

<<  <   >  >>