للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنه كان يرى وجهها وينظر إليه لإعجابه بحسنه.

فالجواب: أن تلك القرائن لا تستلزم استلزاماً لا ينفك أنها كانت كاشفة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآها وأقرها لما ذكرنا من أنواع الاحتمال، مع أن جمال المرأة قد يعرف وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة، وذلك لحسن قدِّها وقوامها، وقد تعرف وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط كما هو معلوم، ولذلك فسر ابن مسعود: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالملاءة فوق الثياب كما تقدم.

ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر:

طافت أمامة بالركبان آونة ... يا حسنها من قوام ما ومنتقبا

فقد بالغ في حسن قوامها مع أن العادة كونه مستورًا بالثياب لا منكشفَاً.

الوجه الثاني: أن المرأة محرمة، وإحرام المرأة في وجهها وكفيها، فعليها كشف وجهها إن لم يكن هناك رجال أجانب ينظرون إليها (١)، وعليها ستره عن الرجال في الإحرام كما هو معروف عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن، ولم يقل أحد إن هذه المرأة الخثعمية نظر إليها أحد غير الفضل ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢)، والفضل منعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من


(١) انظر: عارضة الأحوذي، ٤/ ٥٦، المسألتان الرابعة عشرة، والخامسة عشرة.
(٢) الذين شاهدوا قصة الفضل والخثعمية لم يذكروا حسن المرأة ووضاءتها، ولم يذكروا أنها كانت كاشفة عن وجهها - كما في حديث علي بن أبي طالب، وفيه قول العباس: «يا رسول اللَّه لمَ لويت عنق ابن عمك؟»، وكذا حديث جابر في صحيح مسلم في الحج وفيه: «فلما دفع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - مرت به ظُعُن يَجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يده من الشق الآخر على وجه الفضل، فصرف وجهه من الشق الآخر».

<<  <   >  >>