للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى حِدَةٍ مِنَ الرِّجالِ غَيرَ مُختَلِطاتٍ بِهِم» (١).

فإذا كانت الشريعة قد شرعت فصل الرجال عن النساء في أفضل الأماكن وأطهر البقاع، وهي المساجد، فالفصل في أماكن العمل والتعليم من باب أولى وأحرى.

الدليل الخامس: حديث أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه -، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ». فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ، حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ» (٢).

وإذا مُنِعَ الاختلاط في الطريق مع كونه عابرًا عارضًا فمنعه في المجالس، وأماكن العمل والتعليم أولى، وهذا قياسٌ أولويٌ، وقال ابن حجر معلّقًا على حديث أم سلمة في انصراف النساء قبل الرجال: «وَفِيهِ اِجْتِنَاب مَوَاضِع التُّهَم، وَكَرَاهَة مُخَالَطَة الرِّجَال لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَات فَضْلًا عَنْ الْبُيُوت» (٣).

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -: «وجه الدلالة: أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إذا منعهنّ من الاختلاط في الطريق؛ لأنه يؤدي إلى


(١) فتح الباري، ٢/ ٤٦٦.
(٢) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق، برقم ٥٢٧٢، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٨٥٦.
(٣) فتح الباري، ٢/ ٣٣٦.

<<  <   >  >>