للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمرها بالطواف من وراء الناس ووقتَ صلاتهم مع أنّ الأصل أن الاقتراب من الكعبة حال الطواف أفضل من الابتعاد (١) يدلُّ على أنّ مصلحة البُعدُ عن الاختلاط بالرجال قدرَ الإمكان أهم وأولى، والقاعدة الشرعية تقديم أعظم المصلحتين على أدناهما.

ويوضح هذا الحديث ويقويه ماجاء في صحيح البخاري:

عن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ. قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الرِّجَالِ!. قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟. قَالَ: إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ!. قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ وَأَبَتْ. يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ» (٢).

قال ابن حجر في شرحه: «قَوْله: (وَقَدْ طَافَ نِسَاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الرِّجَال) أَيْ غَيْر مُخْتَلِطَات بِهِنَّ» (٣)، وقال: «قَوْله: (حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ


(١) نص على أفضلية القرب من الكعبة جماعة من الفقهاء، بل قال النووي في المجموع،
٨/ ٣٩: «يستحب القرب من الكعبة بلا خلاف».
(٢) البخاري، كتاب الحج، باب طواف النساء مع الرجال، برقم ١٥٣٩.
(٣) فتح الباري، ٣/ ٤٨٠.

<<  <   >  >>