للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه القصة فيها علل: الأولى: ضعف ابن لهيعة. الثانية: الإرسال؛ لأن يزيد بن أبي حبيب لم يدرك عمر. وقد ضعفها العلماء، قال أبوبكر بن العربي المالكي: «وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَدَّمَ امْرَأَةً عَلَى حِسْبَةِ السُّوقِ، وَلَمْ يَصِحَّ; فَلَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهِ; فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ دَسَائِسِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي الْأَحَادِيثِ» (١).

والقصة أخرجها مالك، وعبد الرزاق، والبيهقي في الشعب بلفظ: «إن عمر مر على الشفاء، وكان بيتها بين المسجد والسوق» (٢). وليس فيها أنه استعملها على السوق، وهي بهذا اللفظ صحيحة. وأخرجها عبد الرزاق مرة أخرى مرسلة، وفيها: «أن الشفاء بنت

عبد اللَّه جاءت إلى عمر»، وليس فيها أن عمر استعملها.

فالذي يتحرر مما سبق أن ذكر استعمال عمر لها، لا أساس له من الصحة؛ للعلل الواردة في القصة، ولطعن أهل العلم فيها؛ ولأن الرواية الصحيحة بدونها. وأيضاً نسبة القصة إلى عمر تخالف الحال الذي كان عليه عمر من غيرته على أعراض النساء؛ فهو الذي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يحجب نساءه، فوافق اللَّه عمر؛ فأنزل آية الحجاب. وأيضاً منع عمر النساء أن يختلطن بالرجال في موارد المياه، وفي الطواف، وغير ذلك، كما سبق ذكره (٣).


(١) أحكام القرآن، ٦/ ٢١٢.
(٢) الموطأ، برقم ٣١٧، وعبد الرزاق، ١/ ٥٢٦، والبيهقي في الشعب، برقم ٢٦١٧.
(٣) انظر: الاختلاط أصل الشر، ص ١٧٦ - ١٨٣ بتصرف.

<<  <   >  >>