للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زناً، فروى أبو هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا» (١) متفق عليه، واللفظ لمسلم. وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة، ومؤدٍّ إلى دخولها في قلب ناظرها، فتعلق في قلبه، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها، فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة، وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه؛ لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر، والسعي إلى ما هو أسوأ منه.

الدليل الثالث: الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة، ويجب عليها التستر في جميع بدنها؛ لأن كشف ذلك أو شيئاً منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها، وكذلك الاختلاط.

الدليل الرابع: قال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (٢).

وجه الدلالة: أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل، وإن كان جائزاً في نفسه، لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن، وكذلك الاختلاط


(١) البخاري، برقم ٦٢٤٣، ومسلم، برقم ٢٦٥٧، وتقدم تخريجه.
(٢) سورة النور، الآية: ٣١.

<<  <   >  >>