للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها)) (١).

ومن صور استجابة دعوة المظلوم على من ظلمه، قصة سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - فعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: ((شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر - رضي الله عنه - فعزله واستعمل عليهم عماراً، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يُحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أخرِمُ عنها، أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخفف في الأخريين، قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفاً حتى دخل مسجداً لبني عبس فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يُكنى أبا سعدة، قال: أما إذا نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير في السرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية. قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن (٢).

والأحاديث تؤكد على أن دعوة المظلوم مستجابة حتى ولو كان فاجراً فاسقا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعوة المظلوم


(١) أصل الحديث متفق عليه عن سعيد بين زيد - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض، ٣/ ١٣٧، برقم ٢٤٥٢، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، ٣/ ١٢٣٠، برقم ١٦١٠، واللفظ لمسلم مع سبب ورود الحديث.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر، وما يجهر فيه وما يخافت، ١/ ٢٠٦، برقم ٧٥٥، واللفظ والقصة له، ومسلم بنحوه، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، ١/ ٣٣٤، برقم ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>